-->

خطبة أول جمعة في رمضان مكتوبة

 أول جمعة في رمضان 


الحمد لله ، الذي نور بجميل هدايته قلوب أهل السعادة ، وطهر بكريم ولايته أفئدة الصادقين ، فأسكن فيها وداده ، وحرس سرائر المؤمنين ، فطرد عنها الشيطان وذاده ، أحمده سبحانه من إله ؛ حليم لا يعجل ، وكريم لا يبخل ، رفع السماء بغير عمد ، وبسط الأرض ومهد ، غني لا يحتاج لأحد ، من اطاعه رشد ، ومن كفر به ، أدار عليه دائرة السوء وأباده .

وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة أرجو بها الحسنى وزيادة . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، الهادي إلى سبيل السعادة ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ، الذين أوضح الله بهم حجج الدين وأحكام العبادة ، وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد :

فاتقوا الله يا عباد الله ، اتقوا الله U بفعل أوامره ، وبالبعد عما نهاكم عنه ، فإنكم في شهر التقوى ، يقول تبارك وتعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [ أسأله  أن يجعلني وإياكم جميعا من عباده المتقين .

أيها الأخوة المؤمنون :

في الجمعة الماضية ، كنا في شهر شعبان ، وكنا نسأل الله، أن يبلغنا رمضان ، نقول : اللهم بارك لنا في شعبنا وبلغنا رمضان ، وهانحن ـ أيها الأخوة ـ في أول جمعة من شهر رمضان ، أي أمد الله في أعمارنا ، وفسح في آجالنا ، فأدركنا شهر رمضان ، ولا شك ـ أيها الأخوة ـ أن إدراكنا لشهر رمضان ، نعمة عظيمة ؛ نعمة ـ والله ـ نغبط عليها ، فكثير هم الذين حرموا هذه النعمة ، وحيل بينهم وبينها ، فأنتم معشر الأخوة ، في هذه الأيام ، ما بين صيام وقيام ، وصدقة وقراءة قرآن ، ولكن هناك من يتمنى ، أن يتهيئ له مثل هذه الأعمال الصالحة العظيمة ، ولكنه لا يستطيع ، لا يستطيع إما لمرض ، وإما لضلال وفساد وانحراف ، وإما وفاه الأجل ، فمات قبل أن يدرك شهر رمضان .

فاحمدوا الله  ، واشكره على ما أنعم به عليكم ، فأنتم والله في وضع تغبطون عليه ، ففي الحديث عن ابي هريرة  يقول النبي  : (( كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، قال الله  : إلا الصيام فإنه لي وأنا اجزي به ، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي . للصائم فرحتان : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )) .

فهنيئا لكم ـ معشر الصائمين ـ هذا الأجر وهذا الثواب من الله .

أيها الأخوة ؛ الأعمال تضاعف ، الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلا الصيام ، فالصائمون ، أجرهم يتعدى المضاعفه ، أجرهم لا يعد ولا يحصر ولا يحصى ، لأن الصيام من الصبر ، كما جاء في الحديث المرفوع عن سلمان : (( هو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة )) والصابرون كما قال : ] إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [ يوم القيامة ، أهل الأعمال الصالحة ـ جعلني الله وإياكم منهم ـ تحسب أعمالهم ، الحسنة بعشر أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلا أهل الصيام ، إلا أهل الصبر ، الذين صبروا على طاعة الله ، وصبروا عن معصية الله ، وصبروا على اقدارالله ، وهذه كلها في الصيام ، فإنهم يوفون اجورهم بغير حساب ، نسأل الله  من فضله ، فهنيئا لكم معشر الصائمين ، هذا الأجر العظيم ، والثواب الجزيل ، من الكريم سبحانه .

ايها الأخوة المؤمنون :

إن شهر رمضان ، شهر الصبر ، شهر الصيام والقيام ، شهر التقوى ، شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، ماهو إلا أيام قلائل ، كما قال تبارك وتعالى : ] أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ [ ، تأمل أخي ؛ أيام معدودات ، سرعان ما تنقضي ، وسرعان ما تنتهي ، كم ؛ ثلاثون يوما أو تسعة وعشرون يوما ، ما أسرعها ، فيجب على المسلم أن يتقي الله ويحفظ هذه الأيام ، يحفظها عن الحرام ، يصونها عما لايليق بها ، يتقرب إلى الله  بترك شهواته وملذاته ، كما في الحديث : (( إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي )) يتقرب إلى الله ببعده عن معاصيه ومخالفة أوامره ، يقول النبي  : (( من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) وفي حديث آخر يقول  : (( ليس الصيام من الطعام والشراب ، إنما الصيام من اللغو والرفث )) وقال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . ويقول جابر  : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ، ودع اذى الجار ، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .

ايها الأخوة المؤمنون :

احفظوا صيامكم ، وصونوا أعمالكم ، فإن النبي  يقول : (( رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظه من قيامه السهر )) فاتقوا الله عباد الله ، لا سيما في هذا الشهر العظيم ، تأدبوا بآداب الصيام ، صوموا جوارحكم ، كما تصومون بطونكم ، فالأذن تصوم ، والعين تصوم ، واللسان يصوم ، احفظوا هذه الجوارح عما حرم الله  ، جعلني الله وإياكم في هذا الشهر من الفائزين .

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه ، والشكر له على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .

أيها الأخوة المؤمنون :

وكما سمعتم في الأية ، عن مقدار رمضان ، فما هو إلا أيام معدودات ، وللنفس مع هذه الأيام حيل شيطانيه ، فإنها تبرر للصائم ، أو لبعض الصائمين ، بأن يقضي وقته بما لا ينفع أحيانا ، فتجعله مثلا يكثر من النوم ، أو يصير شغله الشاغل الطعام والشراب، فإذا أصبح صار همه فطوره، وإذا أمسى صار همه سحوره، أو يكثر من مخالطة الناس في الأسواق، أو يستسلم لسراق أرباح رمضان، هؤلاء الفجرة الفسقة ، الذين يجعلون رمضان موسما لأفلامهم، وموعدا لمسرحياتهم ومسلسلاتهم ، وهذه الأمور ـ أيها الأخوة ـ من مفسدات القلب والعياذ بالله ، يقول أبن القيم رحمه الله تعالى : وأما مفسدات القلب الخمسة فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة والتمنى والتعلق بغير الله والشبع والمنام ، فهذه الخمسة من أكثر مفسدات القلب ,

فا الله الله أيها الأخوة ، احفظوا أوقاتكم وخير ما تحفظ به الأوقات كتاب الله تعالى ، فشهر رمضان هو شهر القرآن.

أيها الأخوة المؤمنون :

ومما لا شك فيه ، أن كل واحد منا يتمنى لو يصوم يوما ويكتب له عند الله أياما ، فعلى من أراد ذلك صادقا جادا ، فعليه أن يبذل من ماله ، أو يبذل من طعامه وشرابه ، فالرسول  يقول : (( من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجره شيء ))

فكلما فطرت صائما كتب لك يوما كصيامه .

اسأل الله العظيم ـ رب العرش العظيم ، أن يوفقنا لهداه ، وأن يجعل عملنا في رضاه ، وأن يجنبنا ما يسخطه ويأباه ، إنه سميع مجيب .

اللهم إنا نسألك عز الإسلام ونصر المسلمين ، وذل الشرك والمشركين ، اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين ، اللهم عليك باليهود المعتدين ، وبالنصارى الحاقدين ، وبكل من عادى عبادك المؤمنين .

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين ، اللهم فرج هم المهمومين من المسلمين ، ونفس كرب المكروبين واقض الدين عن المدينين ، واشف مرضانا ومرضى المسلمين .

اللهم آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك وتقاك واتبع رضاك يارب العالمين .

اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

عباد الله :

] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [ فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على وافر نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون .

*انشروالروابط ليعم النفع للجميع*

✺●═🍃◐🌸◑🍃══●✺

*🔹ملتقى *تلـــــــــــيجـــــــــــرام*

https://t.me/FNNBG

✺●═🍃◐🌸◑🍃══●✺

أنظر أيضا :