شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام الشيخ عبد الرزاق البدر
مقدمة :
شرح كتاب الصيام من عمدة الأحكام
الحمد الله الذي جعل الصيام حصناً حصينا من النار وجنة، وجعله مرتقى لكل خير، وسبيلا إلى الجنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له عظمت منه على عباده المئة، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله لا خير إلا فيما دعا إليه وسنه؛ صلى الله وسلم عليه وعلى آله الأخيار وصحابته الأبرار وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن مما من الله به على هذه الأمة المحمدية أن شرع لهم عبادة عظيمة، وقربة جليلة، وهي من أعظم الأعمال، وأجل القربات؛ ألا وهي عبادة الصيام. بل جعل فريضة الصيام ركنا من أركانه العظام كما قال الله تعالى: « يأيها الذين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون »
[البقرة:185].
وفي حديث عبد الله بن عمر رض الله عنها قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم : بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان»).
(۱) رواه البخاري (8)، ومسلم (16).
وشهر رمضان «شهر لياليه أنور من الأيام، وأيامه مطهرة من دنس الآثام، وصيامه أفضل الصيام، وقيامه أجل القيام، شهر فضل الله به أمة محمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-، شهر جعله الله مصباح العام وواسطة النظام وأشرف قواعد الإسلام، المشرف بنور الصلاة والصيام والقيام، شهر أنزل الله فيه كتابه، وفتح للتائبين فيه أبوابه فلا دعاء فيه إلا مسموع، ولا عمل إلا مرفوع، ولا خير إلا مجموع، ولا ضرر إلا مدفوع.
شهر السيئات فيه مغفورة، والأعمال الحسنة فيه موفورة، والتوبة فيه مقبولة، والرحمة من الله لملتمسها مبذولة، والمساجد بذكر الله فيه معمورة،
وقلوب المؤمنين بالتوبة فيه مسرورة»).
وعبادة الصيام فرض ومستحب، وقد اهتم العلماء رحمهم الله ببيان أحكامهما وفضلهما وما يتعلق بهما، ولا تجد كتابا من كتب الفقه يخلو من
ذكره.
ومن هذه الكتب النافعة الجليلة كتاب «عمدة الأحكام» لصاحبه الإمام عبدالغني بن عبد الواحد المقدسي رحمه الله الذي بين منهجه في هذا المتن وسبب تأليفه، فقال رحمه الله: «فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام، مما اتفق عليه الإمامان: أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، فأجبته
إلى سؤاله رجاء المنفعة به».
وقد شرحه شيخنا عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر -حفظه الله - كاملًا في عدة دروس -ولله الحمد، وبما أننا على أبواب رمضان -بلغنا الله وإياكم الشهر - استعجلت باستخراج (كتاب الصيام) لمناسبته وحاجة الناس
إليه، سائلا الله تعالى أن ينفع به.
وفي الختام أقول بقول الإمام المقدسي رحمه الله: «وأسأل الله أن ينفعنا به، ومن كتبه، أو سمعه، أو قرأه، أو حفظه، أو نظر فيه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، موجبا للفوز لديه في جنات النعيم، فإنه حسبنا ونعم الوكيل» .
محبكم في الله

إرسال تعليق
صوره اقتباس صندوق كود